العالمي : برشلونة من تيكي تاكا إلى “فليكي فلاكا”.. هل يعيش حقبة جديدة؟
العالمي : برشلونة من تيكي تاكا إلى “فليكي فلاكا”.. هل يعيش حقبة جديدة؟
عاد نادي برشلونة إلى الواجهة الكروية بفضل رباعيتين كاملتين في شباك بايرن ميونخ الألماني، وغريمه التقليدي ريال مدريد الإسباني، وأثارت هذه العودة انتباه الكثيرين، ليس بسبب النتيجتين العريضتين فقط، بل بسبب ظهور الفريق الكتالوني بـ “فلسفة كروية مغايرة” نوعًا ما.
اسم “البارسا” ارتبط في العقدين الأخيرين بـ “تيكي تاكا”، ومع وصول المدرب الألماني هانز فليك للإشراف عليه، ظهر مصطلح كروي جديد يدعى “فليكي فلاكا”، وذلك على وزن “تيكي تاكا”، فَلِمَ ظهر هذا المصطلح الآن تحديدًا؟، وهل يمكن أن يدخل قاموس كرة القدم، أم أن الأمر مبكر نوعًا ما؟
وأمام هذه الأسئلة، يواصل الفريق الكتالوني حصد الأخضر واليابس، والتهام منافسيه الواحد تلو الآخر خلال الموسم الحالي 2024-2025، وذلك في نتائج أعادت الابتسامة إلى عشاقه ومحبيه، وأعادت له قليلًا من هيبته المفقودة في السنوات الأخيرة.
ما أصل مصطلح “فليكي فلاكا”؟ وأين ظهر أول مرة؟
مصطلح “فليكي فلاكا” يبدو غريبًا نوعًا ما عن متابعي كرة القدم وحتى على مشجعي برشلونة، أليس كذلك؟، ولكنه ظهر بالفعل، وبات متداولًا بين بعض مشجعي الفريق الكتالوني الذين أعجبوا به، لأنه يذكرهم بأيام الزمن الجميل و”تيكي تاكا”.
فلسفة “تيكي تاكا” بمفهومها الكلاسيكي، والتي تقوم على الاستحواذ، وتمرير الكرة بداية من حارس المرمى، مرورًا بجميع لاعبي “البارسا”، وصولا إلى مرمى المنافس، عاش بفضلها الفريق لحظات تاريخية، وحقق الكثير من الألقاب، ولكنها طريقة لعب، بدأت تتآكل وتضمحل شيئًا فشيئًا، وبدأ معها برشلونة يحتضر إلى أن وصل إلى القاع بهزائم أوروبية تاريخية أبعدته عن المشهد الكروي ومنصة الألقاب.
وبتراجع زخم “تيكي تاكا” وتراجع نتائج الفريق على الصعيد الأوروبي خصيصاً، تخلى الكتالان، وبقيادة رئيس الفريق خوان لابورتا عن شيء من تقاليدهم وموروثهم الكروي وحمضهم النووي، وجلبوا المدرب فليك الذي يملك مفاهيم كروية مغايرة، وهنا ظهرت “فليكي فلاكا”.
إن أول مَن استخدم مصطلح “فليكي فلاكا” هي قناة “Sky sport” في نسختها الألمانية، ونقلته عنها صحيفة “As” الإسبانية الشهيرة، وحدث في تعليق منها على فوز برشلونة الكبير بنتيجة أربعة لهدف واحد أمام بايرن ميونخ الذي مثل عقدة حقيقية بالنسبة له، وهزمه في 6 مباريات متتالية، ومن بينها نتيجة (8-2) التاريخية عام 2020، وذلك قبل أن يفك الكتلان العقدة بفوزهم عليه هذا الموسم.
“فليكي فلاكا” تذكر عشاق برشلونة بأيام الزمن الجميل
منذ تآكل طريقة “تيكي تاكا” بمفهومها التقليدي والكلاسيكي، وليس المطور مثلما يفعله المدرب بيب غوارديولا مع نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، أصبح عشاق نادي برشلونة يتشبثون بأي طريقة لعب أو لاعب يعيدهم إلى الزمن الجميل.
وقالوا إن أنسو فاتي هو خليفة أسطورة الفريق الأرجنتيني ليونيل ميسي، ولكن الأمر لم يحدث، وربطوا بين قدوم المدرب السابق تشافي هيرنانديز وعودة إلى النادي إلى سابق عهده، ولكن ذلك لم يحدث أيضًا.
ومع مجيء المدرب فليك هذا الموسم، وتحقيق الفريق لنتائج إيجابية في بداية هذا الموسم، أصبح محبو “البارسا” يتداولون فيما بينهم مصطلح “فليكي فلاكا”، لأن وزنه مشابه لـ “تيكي تاكا”، كما أن نتائجه تدر على النادي خيرًا كبيرًا على صعيد النتائج.
هل دخل برشلونة عهدًا كرويًا جديدًا مع “فليكي فلاكا”؟
إذا ذهبنا إلى أبعد من البحث عن أصل مصطلح “فليكي فلاكا”، فإن الخبراء والمختصين يرون بأن فلسفة اللعب المرتبطة بهذا المصطلح، لا تقضي تمامًا على “تيكي تاكا”، ولكنها تضيف لها بعض الأشياء التي كان يحتاج إليها برشلونة.
وتقوم فلسفة “فليكي فلاكا” المتبعة من طرف فليك مدرب برشلونة، أولًا وقبل كل شيء على خطة التسلل والدفاع المتقدم، حيث سقط منافسو الفريق الكتالوني في 14 مباراة بين الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا هذا الموسم، في مصيدة التسلل 93 مرة، وآخرهم ريال مدريد (12 مرة).
من المعروف أن فليك يملك فكرًا كرويًا هجوميًا متطرفًا، وهذا لم يظهر في تجربته الحالية مع “البارسا” فقط، بل إنه ظهر مع نادي بايرن ميونخ الذي توج معه بالسداسية التاريخية موسم 2019-2020، وبالإضافة إلى خط التسلل والدفاع المتقدم، يركز المدرب الألماني على الضغط العالي.
هذه الطريقة، يصفها بعض الخبراء والمختصين في كرة القدم بالانتحارية والتي تحمل مخاطر كثيرة، لأن لاعبي الفريق الكتالوني ليسوا ماكينات، بل هم بشر، ومجرد خطأ صغير، والتأخر بسنتيمتر واحد في خطة التسلل قد يكلف الفريق قبول الأهداف.
وهناك شيء آخر أضافه فليك إلى طريقة لعب “البلوغرانا”، وهو الكثافة والشدة والقوة البدنية التي كانت مفقودة لدى الفريق خلال المواسم الأخيرة، وهو ما جعله متخلفًا بمراحل عن الفرق الأوروبية الكبيرة، وكلّفه هزائم مخزية على المستوى الأوروبي.
لقد سمحت هذه الإضافات من خطة التسلل مرورا بالضغط العالي الهجومي وصولًا إلى تحسين الجانب البدني، ودون نسيان الثقة الكبيرة التي وضعها فليك في أبناء “لاماسيا”، وصنعه روحًا إيجابيةً بين اللاعبين، للبارسا بتحقيق نتائج مميزة في بداية هذا الموسم.
ولكن السؤال المطروح، هل يمكن القول أن نادي برشلونة دخل حقبة تاريخية جديدة ستكون مليئة بالألقاب والإنجازات مع المدرب فليك؟، هل يحق لنا إدراج مصطلح “فليكي فلاكا” المرتبط بالمدرب فليك إلى قاموس كرة القدم، مثلما حدث مع “تيكي تاكا”؟، إن الإجابة على هذه الأسئلة تبقى صعبةً نوعًا ما في الوقت الحالي، والزمن وحده سيتكفل بالرد والإجابة عن جميع هذه الأسئلة. سننتظر ونرى.